من المعلوم ان كتائب القذافى كانت اكثر عددا واكثر خبره ولكن بفضل الله قدره الثوار لا تقدر بعددهم ولكنها تقدر بمدى تاثيرهم فى الجبهات فكانت روعة هذه الحقيقه أنها تنبع من صميم فلسفة الإسلام في تقدير قوة البشر؛ فالإسلام لا يقدِّر قوة المسلمين بعددهم، وإنما بمدى فاعليتهم وتأثيرهم فيمن حولهم، تلك الفاعلية النابعة من قوة إيمانهم بالله وفكرتهم، وقدرتهم على حمل الرسالة بإخلاص يشعر به الناس من حولهم أينما تحركوا وأينما تحدثوا ولهذا لم تزعج قضية العدد المسلمين الأوائل كثيرًا، وكانت كل الغزوات التي شهدت انتصارًا للمسلمين على أعدائهم لم تسجل زيادة في العدد..
(كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله والله مع الصابرين) (البقرة) إلا في غزوة حنين، والتي أوشك المسلمون على الهزيمة فيها عندما تسلَّل إليهم الشعور بأن عددهم ضامن للنصر، وعندما طلب عمرو بن العاص المدد من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في فتح مصر كتب إليه: "أما بعد.. فإني أمددتك بأربعة آلاف رجل، على كل ألف رجل منهم مقام الألف: الزبير بن العوام، والمقداد بن عمرو، وعبادة بن الصامت، ومسلمة بن مخلد".
إذًا القضية كانت دائمًا قضية (كيف؟) وليس (كم؟)، قضية ماذا تستطيع أن تفعل؟ وليست قضية كم عدد من يفعل؟