بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافي ارتفعت مطالب الخبراء المصرفيين بتصحيح نظام تسعير العملة الوطنية الليبية (الدينار)، كما طالب آخرون بفك ربط الدينار بالدولار الأميركي، وربطه بسلة من العملات العالمية.
واتهم بعضهم النظام السابق بالتلاعب في أسعار الصرف وفق خطوات ممنهجة ومدروسة، بهدف إفقار الشعب.
ويبلغ سعر الدينار حليا 0.82 دولارا، في حين كان في ثمانينيات القرن الماضي يعادل ثلاثة دولارات.
وطالب رئيس مجلس إدارة مصرف التجارة والتنمية جمال عبد الملك برفع تدريجي للدينار، مؤكدا أن عصر القرارات الفردية انتهى بسقوط القذافي.
وأوضح -في حديث للجزيرة نت- أنه ليس هناك مبرر بعد اليوم للاحتفاظ بالأسعار السابقة التي أدت إلى إفقار الشعب الليبي، واصفا النظريات التي اعتمد عليها المصرف المركزي سابقا بأنها "واهية".
ولفت إلى أن مسؤولين في البنك المركزي الليبي أقروا -بعد سقوط النظام- بضرورة تغيير سعر صرف الدولار، وأن مثل هذا الإجراء يعد شأنا حكوميا داخليا، ليس له علاقة بالمؤسسات الدولية.
ووصف عبد الملك أن من يقف ضد قرار التغيير بأنهم "طابور خامس" وأعوان للقذافي، معتبرا استمرار الأسعار السابقة جريمة في حق الليبيين، الذين من حقهم التمتع بالرفاهية.
ودعا الخبير الليبي إلى الرجوع إلى أسعار ما قبل 1980، إذ تقدر قيمة الدولار بـ300 درهم ليبي، أسوة بالدينار الكويتي.
عبد الملك اعتبر أن من يقف ضد إعادة تقييم الدينار "طابور خامس"
سلة عملات
كما دعا إلى فك الارتباط بالدولار، وإحلال سلة عملات مكونة من اليورو والفرنك السويسري والريال السعودي.
ودافع عبد الملك بشدة عن نظريته، معتبرا أنها ستحارب التضخم دون اللجوء إلى رفع المرتبات، وتوقع انخفاض جميع السلع بنسبة 400%، إذا تم هذا الإجراء.
تأتي هذه التصريحات في وقت قالت فيه تقارير صحفية إن وثائق -عثر عليها الثوار بمقر وزارة التخطيط- أشارت إلى أن 29% من الليبيين، البالغ عددهم ستة ملايين نسمة، "تحت خط الفقر".
من جهته اتهم سعد الأريل -رئيس تحرير صحيفة "بنطابلس" المتخصصة في المال والأعمال- النظام السابق بالتلاعب في أسعار الصرف وفق خطوات ممنهجة ومدروسة بهدف إفقار الشعب، وأضاف أن قيمة العملة المحلية لا وزن لها في السوق، وشكك في أهمية رفع أو خفض قيمتها على المشهد الاقتصادي.
وأكد أن حجم المتداول بالعملة النقدية الليبية يربو على 15 مليار دينار، بينما تصل الاحتياطيات بالدولار إلى ما يقارب عن 170 مليارا، مشددا على أهمية إحداث التوازن بين النقود المعروضة والاحتياطيات في الوقت الراهن.
تباين
من جهته اعتبر الخبير المالي إدريس الشريف الوقت الآن مناسبا لخفض قيمة الدولار أمام الدينار، متوقعا مساهمته في الحد من ارتفاع الأسعار.
وأضاف -في تصريح للجزيرة نت- أن مثل هذه الخطوة من شأنها إنعاش دخل المواطن ورفع قدرته الشرائية، كما أبدى تأييده لخطوات متدرجة لخفض الدولار، تحسبا لأي تقلبات اقتصادية.
لكن الخبير المالي عبد السلام الكزة رأى أن أي خطوة في هذا الاتجاه قد تؤثر على استقرار الاقتصاد الليبي القائم على تصدير النفط والتجار وأصحاب الأعمال.
واعتبر أنه في ظل الأوضاع الحالية، فإن الحاجة تقتضي المحافظة على استقرار السعر الحالي ( الدولار يساوي 1.30) قائلا إنه من الممكن في الفترة المقبلة التفكير فيما سماه "تعويم" الدولار في البنوك الليبية، بدلا من تحديد سعر رسمي آخر.
وكشف مصدر مسؤول في المصرف المركزي عن توجه لخفض السعر تدريجيا بهذا الشأن، وذكر أن إدارة المصرف الحالية، هي إدارة أزمة تحكمها قوانين ولوائح، مشيرا -في تصريح للجزيرة نت- إلى أن عملية تغيير سعر صرف الدولار الأميركي تحتاج إلى مشاورات ودراسات ونقاشات، لكنه قال إنهم ما زالوا يعملون على حل أزمة السيولة للتفكير في سعر صرف الدولار